غلاف " السلطة وطول العمر"
عندما شاهد الإعلامي المخضرم «حمدي الكنيسي» -رئيس
الإذاعة الأسبق- الرئيس الأمريكي الأسبق «جورج بوش الأب»، وهو يقفز
بالباراشوت من إحدي الطائرات علي ارتفاع يزيد علي 30 ألف قدم احتفالا بعيد
ميلاده الخامس والثمانين، لم يتعامل مع المشهد باعتباره شيئا طريفا فحسب،
وإنما توقف عنده وفكر فيه كثيرا متسائلا ليس عن قدرة بوش الأب علي
الاستمتاع بحياته حتي آخر قطرة فقط، وإنما فيما إذا كان هناك علاقة بينه
كونه «رئيسا سابقا»، وبين وصوله لسن الخامسة والثمانين وهو في لياقة وصحة
جيدة دفعته للاحتفال بهذه المناسبة قفزا في السماء؟!
التفكير في قفزة «بوش» الملهمة، جعل «الكنيسي» يبحث -
بشكل أكاديمي وعلمي- عن الأسباب التي تجعل المسئولين في الدولة- أي دولة-
يعيشون طويلا إذا ما أصبحوا مسئولين فيما ينقصف عمر شعوبهم الذين يعيشون
معهم وكأن الصحة وطولة العمر هي صنوان السلطة طويلة الأمد، والأمثلة التي
يذكرها رئيس الإذاعة الأسبق في كتابه موحية جدا «بينما يصل متوسط الأعمار
في دولة كالصومال إلي أقل من 50 عاما، يعيش آدم عبد الله أول رئيس لهذه
الدولة بعد الاستقلال حتي 99 عاما، أي أنه دق أبواب المائة عام، وبينما
يكون متوسط الأعمار في زيمبابوي 20 عاما يصل عمر الرئيس موجابي إلي 86
عاما ومازال يتحدي كل الظروف والمواقف داخل وخارج بلده»، ويستشهد الكتاب
بدراسة لكاتب فرنسي متخصص هو «جوستن جلاس» ليثبت أن قاعدة «الحكام الذين
يعيشون ضعف أعمار شعوبهم تقريبا»، ليست مقتصرة علي البشر وحدهم «متوسط عمر
النحلة يتراوح مابين أربعة أو خمسة أشهر، بينما تعيش ملكة النحل ثماني
سنوات وأكثر، رغم أنها ولدت من نفس البيضة التي تولد منها بقية النحل»!
لكن الكتاب - الذي نحسبه الأول في موضوعه باللغة
العربية- يوجز - استنادا لدراسة لبروفيسور أمريكي في جامعة أريزونا أسباب
«طول العمر» التي يتوفر معظمها لدي أصحاب السلطة مثل الغذاء الصحي،
واستشارة الطبيب في فترات ثابتة، والعناية الطبية الفائقة التي يفرضها
منصبه، إضافة إلي ممارسة الرياضة بانتظام، والاستمتاع بالإجازات - من هذا
الشجاع الذي يقطع إجازة الحاكم؟!- والحرص علي العلاقات العائلية
والصداقات، ومستوي الدخل المادي، وتجنب عناصر التوتر، ثم يضيف المؤلف من
عنده سببا ربما يكون هو الأهم في الدول العربية :"المحيطون بصاحب السلطة
العليا يصبون مزيدا من الإحساس بالسعادة، والراحة في نفسه للدرجة التي
تجعله لايفرق بين الرأي الصحيح، والرأي المنافق، بل تجعله لا يتأثر
ولاينفعل كما يجب، وإذا سمع - ولو بالصدفة - ما يمثل له انتقادا وكأنه
باللاشعور يرفض أي مساس بحالته النفسية الجيدة التي تنضم بقوة إلي بقية
عوامل طول العمر».
بعد ذلك ينطلق الكتاب متتبعا سيرة مجموعة مختارة من
«أهل السلطة» أصحاب العمر الطويل، الغلبة في الكتاب لمسئولين مصريين
بطبيعة الحال يتقدمهم الرئيس مبارك، برفقته عمر سليمان - مدير جهاز
المخابرات - وصفوت الشريف -الذي يصفه الكتاب بالداهية صاحب أخطر دماغ-
ود.أحمد فتحي سرور، الذي وصفه الكتاب بالثعلب، وزكريا عزمي وعنوان فصله في
الكتاب «المناور.. ذراع الرئيس اليمني»، ومعهم رمزا الدين الإسلامي
والمسيحي في مصر شيخ الأزهر والبابا شنودة، وحسن عباس زكي البالغ من العمر
93 عاما، والذي كان أول وزير خزانة في عهد ما بعد ثورة يوليو، وينسب إليه
الفضل في المساهمة في إصدار رزمة من أهم قوانين الثورة الاقتصادية مثل
«التمصير» وإنشاء القطاع العام والتحول الاشتراكي، تطبيق فكرة «البنوك
الإسلامية»، فيما يتصدر المسئولين والحكام العرب في الكتاب الملك عبد الله
بن عبد العزيز حاكم السعودية بسنوات عمره الثماني والثمانين، وأبناؤه
الـ32، ومعمر القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 41 عاما قابلة للنمو فيما يبدو!
يتسم الكتاب في أغلبه بالحياد، ويهتم صاحبه برصد
الظاهرة «طول العمر المرتبط بالوجود في السلطة» دون غمز أو لمز أو حتي حسد
لطول عمر أصحاب السلطة، هو فقط التقط بذكاء هذه النقطة المثيرة للدهشة
والتفكير وحاول تحليل أسبابها، لعلنا نعرف - نحن البعيدين عن السلطة.. أي
سلطة- ذلك السر الذي جعل بوش الأب يقفز- وهو في كامل اللياقة والصحة
والسعادة- بالباراشوت وهو في الخامسة والثمانين، فيما لايستطيع أغلبنا
السير علي قدميه أكثر من عشر دقائق!
عندما شاهد الإعلامي المخضرم «حمدي الكنيسي» -رئيس
الإذاعة الأسبق- الرئيس الأمريكي الأسبق «جورج بوش الأب»، وهو يقفز
بالباراشوت من إحدي الطائرات علي ارتفاع يزيد علي 30 ألف قدم احتفالا بعيد
ميلاده الخامس والثمانين، لم يتعامل مع المشهد باعتباره شيئا طريفا فحسب،
وإنما توقف عنده وفكر فيه كثيرا متسائلا ليس عن قدرة بوش الأب علي
الاستمتاع بحياته حتي آخر قطرة فقط، وإنما فيما إذا كان هناك علاقة بينه
كونه «رئيسا سابقا»، وبين وصوله لسن الخامسة والثمانين وهو في لياقة وصحة
جيدة دفعته للاحتفال بهذه المناسبة قفزا في السماء؟!
التفكير في قفزة «بوش» الملهمة، جعل «الكنيسي» يبحث -
بشكل أكاديمي وعلمي- عن الأسباب التي تجعل المسئولين في الدولة- أي دولة-
يعيشون طويلا إذا ما أصبحوا مسئولين فيما ينقصف عمر شعوبهم الذين يعيشون
معهم وكأن الصحة وطولة العمر هي صنوان السلطة طويلة الأمد، والأمثلة التي
يذكرها رئيس الإذاعة الأسبق في كتابه موحية جدا «بينما يصل متوسط الأعمار
في دولة كالصومال إلي أقل من 50 عاما، يعيش آدم عبد الله أول رئيس لهذه
الدولة بعد الاستقلال حتي 99 عاما، أي أنه دق أبواب المائة عام، وبينما
يكون متوسط الأعمار في زيمبابوي 20 عاما يصل عمر الرئيس موجابي إلي 86
عاما ومازال يتحدي كل الظروف والمواقف داخل وخارج بلده»، ويستشهد الكتاب
بدراسة لكاتب فرنسي متخصص هو «جوستن جلاس» ليثبت أن قاعدة «الحكام الذين
يعيشون ضعف أعمار شعوبهم تقريبا»، ليست مقتصرة علي البشر وحدهم «متوسط عمر
النحلة يتراوح مابين أربعة أو خمسة أشهر، بينما تعيش ملكة النحل ثماني
سنوات وأكثر، رغم أنها ولدت من نفس البيضة التي تولد منها بقية النحل»!
لكن الكتاب - الذي نحسبه الأول في موضوعه باللغة
العربية- يوجز - استنادا لدراسة لبروفيسور أمريكي في جامعة أريزونا أسباب
«طول العمر» التي يتوفر معظمها لدي أصحاب السلطة مثل الغذاء الصحي،
واستشارة الطبيب في فترات ثابتة، والعناية الطبية الفائقة التي يفرضها
منصبه، إضافة إلي ممارسة الرياضة بانتظام، والاستمتاع بالإجازات - من هذا
الشجاع الذي يقطع إجازة الحاكم؟!- والحرص علي العلاقات العائلية
والصداقات، ومستوي الدخل المادي، وتجنب عناصر التوتر، ثم يضيف المؤلف من
عنده سببا ربما يكون هو الأهم في الدول العربية :"المحيطون بصاحب السلطة
العليا يصبون مزيدا من الإحساس بالسعادة، والراحة في نفسه للدرجة التي
تجعله لايفرق بين الرأي الصحيح، والرأي المنافق، بل تجعله لا يتأثر
ولاينفعل كما يجب، وإذا سمع - ولو بالصدفة - ما يمثل له انتقادا وكأنه
باللاشعور يرفض أي مساس بحالته النفسية الجيدة التي تنضم بقوة إلي بقية
عوامل طول العمر».
بعد ذلك ينطلق الكتاب متتبعا سيرة مجموعة مختارة من
«أهل السلطة» أصحاب العمر الطويل، الغلبة في الكتاب لمسئولين مصريين
بطبيعة الحال يتقدمهم الرئيس مبارك، برفقته عمر سليمان - مدير جهاز
المخابرات - وصفوت الشريف -الذي يصفه الكتاب بالداهية صاحب أخطر دماغ-
ود.أحمد فتحي سرور، الذي وصفه الكتاب بالثعلب، وزكريا عزمي وعنوان فصله في
الكتاب «المناور.. ذراع الرئيس اليمني»، ومعهم رمزا الدين الإسلامي
والمسيحي في مصر شيخ الأزهر والبابا شنودة، وحسن عباس زكي البالغ من العمر
93 عاما، والذي كان أول وزير خزانة في عهد ما بعد ثورة يوليو، وينسب إليه
الفضل في المساهمة في إصدار رزمة من أهم قوانين الثورة الاقتصادية مثل
«التمصير» وإنشاء القطاع العام والتحول الاشتراكي، تطبيق فكرة «البنوك
الإسلامية»، فيما يتصدر المسئولين والحكام العرب في الكتاب الملك عبد الله
بن عبد العزيز حاكم السعودية بسنوات عمره الثماني والثمانين، وأبناؤه
الـ32، ومعمر القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 41 عاما قابلة للنمو فيما يبدو!
يتسم الكتاب في أغلبه بالحياد، ويهتم صاحبه برصد
الظاهرة «طول العمر المرتبط بالوجود في السلطة» دون غمز أو لمز أو حتي حسد
لطول عمر أصحاب السلطة، هو فقط التقط بذكاء هذه النقطة المثيرة للدهشة
والتفكير وحاول تحليل أسبابها، لعلنا نعرف - نحن البعيدين عن السلطة.. أي
سلطة- ذلك السر الذي جعل بوش الأب يقفز- وهو في كامل اللياقة والصحة
والسعادة- بالباراشوت وهو في الخامسة والثمانين، فيما لايستطيع أغلبنا
السير علي قدميه أكثر من عشر دقائق!
الجمعة أبريل 16, 2010 3:28 am من طرف kimo
» لو خيروك بين ......وبين...?
الإثنين مارس 22, 2010 3:43 pm من طرف kimo
» لعبة الوردة
الإثنين مارس 22, 2010 10:21 am من طرف ZOOMA
» اختار بصراحة
السبت مارس 13, 2010 1:41 pm من طرف solom
» جبهة علماء الأزهر تنتقد قرار "الإدارية العليا" باستمرار تصدير الغاز المصرى لإسرائيل
الجمعة مارس 12, 2010 10:23 am من طرف ZOOMA
» الحزب الوطني يعلن الحرب على مجلس الدولة
الجمعة مارس 12, 2010 1:36 am من طرف kimo
» حاجة جامدة يا ريت كلكوا تجربوها
الخميس مارس 11, 2010 5:06 pm من طرف ZOOMA
» الصحف الإسرائيلية تتابع تطورات جراحة الرئيس تحت عنوان «دراما مصرية»
الأحد مارس 07, 2010 2:40 pm من طرف ahmed hassan
» نص المشروع المقترح لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية
الأحد مارس 07, 2010 2:38 pm من طرف ahmed hassan